الإمارات مابين أوهام القوة وصناعة الشر ( الجزء الأول )
بقلم أحميد العياشي
ما تحت العڤال
لماذا اصبحت الإمارات تلعب هذا الدور الشرير في المنطقة العربية ،والذي يتمثل في زرع الفتن و اثارة مختلف اشكال الحروب الأهلية التي تأتي على صناعة الكثير من الخراب المهدد لوجود الأوطان وذلك منذ تداعيات الثورات العربية التي حولت غضب الشعوب الى نوع من التدمير الذاتي والانتحار الجماعية التي فتحت الأبواب على مصراعيها امام التدخلات الأجنبية بمختلف اشكالها المعقدة ،واختراق السيادات العربية التي راحت تذكرنا بزمن بدايات الاستعمارات ونهاية أحلام النهضات المتعثرة،،منها ماحدث في القرن التاسع عشر على ارض مصر التي انتهت بالقضاء على حلم محمد علي بإقامة دولة مصرية قوية ومستقلة،؟
ساندروم الجزائر
لم يخرج العالم العربي من نفقه المظلم الا بعد قيام الحرب العالمية الثانية واندلاع شرارة حركات التحرر الوطني والتي كانت الثورة الجزائرية اول من دشنها وانجزها بشكل واضح ومتكامل،وفتحت بالتالي الباب أمام عهد تحرر كانت له تداعيته ليس في العالم العربي وانما في اسيا وأفريقيا،
ان هذه الطفرة التاريخية التي جعلت من الثورة الجزائرية ليس استثناء تاريخيا وحسب وانما منعرجا تاريخيا في حياة الشعوب التواقة للحرية وصناعة غد أفضل خال من التبعية والاستعباد وبداية لتاريخ جديد،ومن هنا فإننا لا نستغرب الاستهداف المتكرر للجزائر كونها هذا الرمز لثورة جمعت بين قداسة الدفاع عن مبدأ الاستقلال و والتضامن مع حرية الشعوب،لكننا نستغرب ان يتجدد ذلك على يد دولة عربية شقيقة مثل الإمارات، فما الذي يحرك الإمارات للقيام بهذه الدور،وهو دور حرب بائسة بالوكالة،،
الربيع المسموم وساندروم الجزائر
مسار الثورات المضادة
عندما انفجرت احداث اكتوبر 1988،التي أدت بانحراف الربيع الجزائري نحو فترة دموية اتسمت بالإرهاب ومحاولات القضاء على الدولة الوطنية باسم جهاد مزيف، سارعت بعض الدول الى الرهان على نهاية الدولة الوطنية في الجزائر ودخولها مرحلة التفكك مثلما حدث للمعسكر الاشتراكي ودخول بعض دوله في حرب أهلية وإثنية معقدة مثلما حدث ذلك بالنسبة الى يوغسلافيا،وكانت الإمارات ممن راهنت على مثل هذا السيناريو،بدعمها للاسلامويات الراديكالية قبل ان تصبح مثل هذه الاسلامويات تشكل تهديدا لدولة الإمارات نفسها،ولم يكن الدور الذي لعبته الإمارات غداة الثورات العربية بعد سقوط نظام بن علي وتحريفها الى نوع من الثورات المضادة الا بداية لهذا الفصل الجديد الذي سيهدف القضاء على الدولة الوطنية او القومية في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، وهو مخطط تم التفكير فيه منذ وقت بعيد من قبل الإمبرياليات الغربية وصنيعتها إسرائيل ،حيث كانت المحاولات الاولى،ضرب مصر الناصرية خلال العدوان الثلاثي،وماتلى ذلك من توجيه ضربة في الصميم الى مصر مابعد وفاة ناصر والعراق، وليبيا،واليمن و سوريا، وفي الأساس تصفية المقاومة الفلسطينية،آخر جيوب المقاومة
عالم عربي بديل لكن بقيادة خاضعة
لقد كانت الثمانينيات. تداعياتها هي البداية لتطويق حركات التحرر الوطني، بدأت باصطناع الاسلاموية كواجهة للثورات الجديدة، خاصة بعد احتلال جنوب لبنان وطرد المقاومة الفلسطينية من بيروت، و الدخول في تسوية مع إسرائيل من بوابة التطبيع الذي اتخذ مسارا مضطردا انتهى بانتقاله لية من حالته الشاذة الى سيادة الشاذ كحالة غالبة قادت الى الحرب الأخيرة بغزة والى إبادة شعب في وضح النهار تحت أنظار ما يسمى بالعالم الحر والتواطؤ مع الكيان الصهيوني ،كانت الإمارات احد بطلاته،وكان المراد من وراء هذا السيناريو ، والذي اطلق عليه سيناريو الكارثة،التطبيع والانضواء تحت إرادة الكيان الصهيوني دون شروط، وبالتالي تحقيق سيناريو اليمين الاسرائيلي والمحافظين الجدد في امريكا وأوروبا وهو سيناريو ،الشرق الاوسط الكبير،الذي يعني نهاية السيادات العربية، و ناهيك الشرق الاوسط الذي شكل في الخمسينيات صوت المقاومة العربية التقدمية، وكانت الجزائر إحدى رموزه الكبرى برصيدها الثوري والتحرري،
لقد كان الرهان على عالم عربي جديد،يتسم بالإذعان للإرادة الصهيونية،والتجزئة التي تجعل من الدولة الوطنية القومية عبارة عن دويلات خاضعة وتابعة للمركز الإمبراطوري الجديد على طراز الإمارات ،وهذا ما أوكل به إلى دولة مثل الإمارات كوسيلة من وسائل تحقيق الثأر التاريخي للاستعمار الجديد،من الدول الوطنية المنبثقة من صلب عملية حركات التحرر الوطني،،وهذا ما برز جليا في الدور المخرب الذي قادته للإمارات في ليبيا، ومصر،واليمن، ومشاركتها التي منيت بالفشل في محاولة إسقاط قطر،،ومحاولاتها في الدفع الى حرب بين المغرب والجزائر،بعد أن جرت الكثير من النخب المصرية بواسطة سلاح الرشوة الى التخلي والتراجع عن دورها الريادي في المنطقة ..
ماهي السياسة التي اتبعتها الإمارات في ظل اوهام القوة التي استبدت بأحلامها وإقبالها على سياسة صناعة الشر في جر النخب العربية لان تلعب دور المتواطئ و العميل في دعم مسار الثورات المضادة في بلدانها،؟كيف قادت هذه الاستراتيجية إلى القضاء على جيوب المقاومة الثقافية في هذه البلدان؟كيف تم استعمال السوفت پاور(القوة الناعمة)في خداع الشعوب العربية،؟ولماذا تسعى الإمارات وصناعها الى التخلص من الدولة السيادية دات الرصيد التحرري مثل الجزائر؟،هذا ما سأرويه في المقال القادم،،